أطلق إيلون ماسك وشركته إكس إيه آي الاثنين، موسوعة غروكيبيديا التي قدمها على أنها منافس لـ”ويكيبيديا”، التي يتهمها الملياردير وجزء من الجمهوريين في
الولايات المتحدة بالانحياز الأيديولوجي، بحسب وكالة فرانس برس. واحتوت النسخة الأولى منذ مساء الاثنين على أكثر من 885 ألف صفحة في مقابل أكثر من سبعة ملايين صفحة بالإنكليزية في موسوعة ويكيبيديا
في رسالة بثها عبر منصة إكس، وعد ماسك بنسخة جديدة قريباً “تكون أفضل بعشر مرات” من النسخة الأولى التي هي في الأساس “أفضل من ويكيبيديا برأيي”، حسب رأيه. وقبل أسبوع قرّر ماسك إرجاء إطلاق “غروكيبيديا” عدة أيام، مبرراً ذلك بضرورة القيام “بعمل إضافي لإزالة محتويات الدعاية”. علماً أن محتوى “غروكيبيديا” مولّد بالذكاء الاصطناعي وبواسطة مساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي “غروك”، لكنه يدرج أيضاً مصادر أخرى في كل صفحة
وعلى غرار مسؤولين جمهوريين، انتقد إيلون ماسك “ويكيبيديا” مراراً خلال السنوات الماضية. في عام 2024 قال إن الموقع “يتحكم به ناشطون من اليسار المتطرف”، ودعا إلى التوقف عن تقديم التبرعات إلى هذه المنصة. ورأى الباحث المتخصص في منصات التواصل الاجتماعي، رايان ماكغريدي، في حديث لصحيفة نيويورك تايمز أن ما يحرك ماسك هو الرغبة بفرض تصوراته، موضحاً: “إن دافع السيطرة على المعرفة قديم قدم المعرفة نفسها. إن السيطرة على ما يُكتب هي وسيلة لكسب السلطة أو الحفاظ عليها”
وبحسب “فرانس برس”، أظهر محتوى بعض المقالات في “غروكيبيديا” أن النتائج موجهة، مثل الصفحة المكرسة لإيلون ماسك. فمنذ المقاطع الأولى لسيرته، أشار الموقع إلى أن مالك شركتي تيسلا وسبايس إكس “أثّر في النقاش” في مواضيع عدة ما أثار “انتقادات وسائل الإعلام التقليدية التي تظهر ميولاً يسارية في تغطيتها”
وبشأن حركة الدفاع عن الحقوق المدنية بلاك لايفز ماتر قالت “غروكيبيديا” إنها “حشدت ملايين الأشخاص (..) إلّا أن هذه التظاهرات أدت إلى أعمال شغب (..) هي الأكثر كلفة في تاريخ شركات التأمين بسبب الأضرار التي لحقت بالممتلكات”، في الوقت الذي أشارت فيه صفحة “ويكيبيديا” إلى أن “غالبية التظاهرات في العام 2020 تمت بهدوء”
كذلك، توافقت بعض منشورات “غروكيبيديا” مع آراء إيلون ماسك المعارضة للتحوّل الجنسي، إذ ذكرت الموسوعة أن العلاج الطبي للأشخاص المتحولين جنسياً يستند إلى أدلة “محدودة ومتدنية الجودة”، فيما قالت صفحة “ويكيبيديا” أن الفهم العلمي لهذا الموضوع قائم منذ عقود
وأُسّست “ويكيبيديا” في العام 2001 وهي موسوعة تشاركية يديرها متطوعون وتمول خصوصاً من خلال تبرعات، ويمكن لرواد الإنترنت كتابة صفحات فيها أو تعديل صفحات أخرى، ولطالما أكّدت الموسوعة إنها تعتمد “موقفاً حيادياً” في كل محتوياتها
وواجهت الموسوعة انتقادات متزايدة من الجمهوريين المحافظين في الأشهر الأخيرة، واتهمت من قبل ماسك وسياسيين آخرين بأنّها متأثرة بثقافة الووك، وتستبعد الإحالات والاستشهادات من وسائل الإعلام المحافظة عن عمد. كما هاجم ماسك الموسوعة في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد تعديل صفحته للإشارة إلى أنه رفع ذراعه اليمنى في الهواء خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترامب، ما دفع الكثيرين إلى مقارنة حركته بالتحية النازية
وعلى الرغم من أن التعديل ذكر أن ماسك نفى أن يكون هناك أي معنى وراء حركته، إلا أن ذلك لم يمنعه من التصويب على ويكيبيديا بالقول: “بما أن دعاية وسائل الإعلام التقليدية تُعتبر مصدراً صحيحاً من قِبل ويكيبيديا، فمن الطبيعي أن تُصبح ببساطة امتداداً لدعاية وسائل الإعلام التقليدية!”، داعياً إلى التوقف عن التبرع للموقع
في المقابل، قال مؤسس “ويكيبيديا”، جيمي ويلز، في مقابلة مع صحيفة ذا غارديان البريطانية، الاثنين، إنه كان “ودوداً” مع إيلون ماسك، لافتاً إلى أن الملياردير “ألطف بكثير في علاقاته الخاصة مما قد تظن”
وذكر بأن مالك “تسلا” راسله بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية عام ٢٠٢٤ ليشتكي من مقال على “ويكيبيديا” يصف صديقاً له بأنه “يميني متطرف”، وهو وصفٌ وجده ويلز معقولًا بعد مراجعة الصفحة. كما عبّر ويلز عن تقبله لانتقادات ماسك الموجهة إلى “ويكيبيديا”، بما في ذلك اتهاماته لها بأنّها ذات توجه يساري. لكنه أكد أنه لا ينجرف إلى الصراعات عامة
وانخفض عدد زيارات المستخدمين لموقع ويكيبيديا بنسبة 8% هذا العام، بينما ازدادت زيارات أدوات جمع البيانات الآلية التي تستخدمها شركات الذكاء الاصطناعي. كما أن ملخصات الذكاء الاصطناعي التي تُنتجها محركات البحث وروبوتات الدردشة تقلّل من دخول المستخدمين إلى الموسوعة

